حديثنا في رمضان حول التغيير.. أن تتخذ من رمضان فرصة لتغيير نفسك إلى الأفضل.. إلى ما يحبه الله تعالى ويرضاه

فأنت في رمضان تغير عاداتك.. وتضبط أوقاتك.. وتمسك لسانك وتتحلى بالخير حيث كان

تتعلم العمل لله تعالى وتجتهد في ضبط حياتك بشريعة الله

هذه كلها دروس رمضانية أنت تتعلمها من واقع الصوم في شهر الصبر.. تتعلم مراقبة الله تعالى فتخشاه وتنطلق نفسك لتعمل بطاعته..

تتعلم التحكم في شهوتك وأن تقود نفسك وأن تأطرها على الحق أطرا وأن تحملها على الخير متدرجا بها..

كل ذلك أيضا من دروس الصيام..

فأنت عندما تصوم تتدرب على كل هذا لو كنت تصوم حقا وفق مراد الشرع فتمتنع عن طعامك وشهوتك إيمانا واحتسابا..

وتجتنب اللغو والرفث.. وتدع قول الزور والعمل به كل ذلك لو طبق حق التطبيق وقمت به حق القيام فإن من نتائجه المباشرة ومن ثمراته العاجلة هو التوفيق إلى القدرة على التحكم ..التحكم في نفسك..

وما أعظمها من هدية يكرمك الله تعالى بها في رمضان المبارك.. ووالله إنها لمن أجل النعم في هذا الشهر الكريم

لذا أقترح عليك في هذا الشهر الكريم أن تعد قائمة من السلوكيات التي تحب أن تغيرها للأفضل فتسعى في تغييرها وتراقب نفسك في ذلك وتحاسبها كل ليلة

خذ مثالا الغضب أو اللغو أو شرب الدخان أو سوء معاملة الآخرين أو إهمال الأبناء أو حتى الرغبة في الإسراف وكثرة العب من الشهوات.. واجتهد في ترك تلك الأفعال واجلس كل ليلة على فراشك لتنظر في حال نفسك وهل تغيرت للأفضل في ذلك وهل ترك عمل اليوم الأثر المطلوب.. هل تقدمت أم تراجعت

ستكون هناك نجاحات وفشل.. لكن المحصلة النهائية ستكون في جانب النجاح بإذن الله تعالى

ولما كنا قد ذكرنا -في رمضان المنصرم- طرفا من التغير الذاتي الذي نتخذ من رمضان منطلقا له..

فكان حديثنا عن تغير السلوك من ناحية بعض الأخلاق والصفات..

فإننا نفترض في قرائنا الكرام أنهم استوعبوا تلك الدروس المباركة لذا أحب أن أنتقل بهم إلى مرحلة أخرى من التغيير وهي مرحلة التأثير في الآخرين من خلال الانخراط في أعمال دعوية وخيرية تدعم النهوض لهذه الأمة وتساهم في رفعتها..

نعزم على الحديث عن التغيير في جانب التفاعل مع العمل للدين والاجتهاد في سبيله فأرجو أن أفيد وأستفيد بإذن الله تعالى فإلى لقاء

ماذا نريد من مقولة العمل للإسلام 

نريد من ذلك: أن تقوم مجتهدا محتسبا لله تعالى  لتخدم  دينك  وتنصر  قضاياه بكل ما هو مستطاع منك؛ وبكل طاقتك ووفق قدرتك فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

والعمل للإسلام واجب عليك من أول يوم نطقت فيه بالشهادتين فما دمت مسلما فإنه يجب عليك العمل للإسلام

قال تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108)

فما دمت من أتباع الرسول فأنت مكلف بأن تمارس الدعوة إلى الله تعالى وأن تحقق البصيرة التي هي الهدى والحجة الواضحة واليقين والحق كما قال العلماء

وعن سهل بن سعد، رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال

(..فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم)

وعملك الطيب لخدمة الدين ولاتباع أوامره يثبتك ويرشدك قال تعالى:

(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)

(النساء: من الآية66)

قال الطبري في تفسيرها:

ولو عمل على بصيرة لاكتسب بعمله أجرا ولكان له عند الله ذخرا وكان على عمله الذي يعمل أقوى لنفسه وأشد تثبيتا لإيمانه بوعد الله على طاعته وعمله الذي يعمله) 

وهذا فعل الأنبياء:

فقد أعطى الله تعالى للجميع القدوة بأنبيائه في عملهم للإسلام واحتسابهم الأجر عند ربهم فقال عز وجل عن نوح عليه السلام :

(وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ)

(هود: من الآية29)

وقال عن هود (يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ)

(هود:51)

قال المتنبي:

ومن يجد الطريق إلى المعالي ::: فـلا يذر المطـي بلا سنـام

ولم أر في عيوب الناس عيباً ::: كنقص القادرين على التمام

فهلم في هذا الشهر الكريم نودع الكسل ونجتهد في نفع هذا الدين فتعمنا رحمة الله تعالى ويشملنا كرمه..