وقد ادعت الشرطة عجزها عن تطبيق القانون وتوفير الأمن، ومع تعاونها مع البلطجية واحتياجها إليهم تغاضت عن جرائمهم التي نشرت الفزع وأفقدت المواطنين الشعور بالأمن، وبالتالي ازداد سخطهم على النظام.

وتحول الإعلام عن وظيفته في نشر الوعي بين الجماهير إلى ماكينة جبارة لاختلاق الأكاذيب حول الرئيس وأسرته وجماعة الإخوان المسلمين، فكلما أبعد الرئيس مسئولاً فاسدًا عن منصبه وعين شخصًا آخر بدأت الحملات الإعلامية بدعوى أنها محاولة لأخونة الدولة، لدرجة أنهم زعموا أن وزير الدفاع ووزير الداخلية إخوانيان جاءا لأخونة الجيش والشرطة…

 وزعموا أن الرئيس يكثر من السفريات للخارج للحصول على بدل السفر الباهظ، وتبين أنه لا يتقاضى مليمًا واحدًا كبدل سفر، وقالوا إنه أدخل 12 ألف مقاتل من حماس لحمايته، والآن وبعد ما حدث تبين كذب الادعاء وأنه لا يوجد مقاتل واحد غير مصري في طاقم حراسته، وزعموا أن زوجته أمرت بإنشاء حمام سباحة كلف ميزانية الدولة 15 مليون جنيه، في حين كان يسكن في شقة بالإيجار قبل الرئاسة وأثناءها، فأين أقيم حمام السباحة؛ ووصفوه بأسوأ الأوصاف رغبة في إهانته، فتحمّل ما لا يتحمّله بشر، ولم يسئ إليهم.

وقام الغرب بتعويق قرض صندوق النقد الدولي لإحكام الحصار الاقتصادي حول مصر، في الوقت الذي امتنعت فيه معظم الدول العربية البترولية عن مساعدتها في أزمتها التي هي ميراث النهب والفساد المنظم طيلة ثلاثين عامًا.

رغم كل هذه الظروف الخانقة والمؤامرة الكبيرة من البعيد والقريب والشقيق، فإن الرئيس وحكومته أنجزوا إنجازات محسوسة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية:

– فقد استفاد ما يقرب من مليوني موظف من الحد الأدنى للأجور، واستفاد (2.1) مليون معلم من الكادر الخاص بهم، واستفاد (750) ألفًا من العاملين الإداريين بالتربية والتعليم والأزهر من هذا الكادر، واستفاد (150) ألف عضو هيئة تدريس من تحسين دخولهم، واستفاد (58) ألف خطيب من تحسّن أوضاعهم المالية، غير علاج (2.1) مليون مواطن على نفقة الدولة، (90) ألف أسرة استفادت من مشروع (ابني بيتك).. وغيرها من الإنجازات الاجتماعية في مجالات: المرأة والطفل، العمال، الفلاحين، الضمان الاجتماعي، دعم المواد الغذائية، مشروع تحرير الدقيق، منظومة المواد البترولية، الأجور والمرتبات، الوظائف وفرص العمل، أسر الشهداء والمصابين، ذوي الإعاقة، التأمين الصحي، الكهرباء.

وكان السير على طريق التحول الديمقراطي بإنجاز الدستور، ونقل السلطة التشريعية من يده إلى مجلس الشورى، والاستعداد لإجراء انتخابات مجلس النواب، منهجًا يثبت ديمقراطيته واحترامه لإرادة الشعب، وقد سعى لإصلاح ما أفسده النظام السابق من غياب الشفافية، والمحسوبية والاستثناءات، والتربح من المال العام، وأنشأ لذلك ديوان المظالم، كما شكل هيئة استشارية قانونية من كبار رجال القانون والقضاء للنظر فيما يصدر عن مؤسسة الرئاسة من قرارات، وأسس أيضًا هيئة استشارية لرعاية المصريين في الخارج ووصلهم بالوطن الأم، والاستفادة من خبراتهم واستثماراتهم.

ولتوسيع دائرة العلاقات الخارجية، والخروج من تبعية سياسة مصر لسياسة أمريكا وإسرائيل، سافر إلى عدة دول هي: روسيا، باكستان، الصين، قطر، السعودية، الهند، العراق، ألمانيا، إيطاليا، ليبيا، السودان، البرازيل، جنوب أفريقيا، إضافة إلى عدد من رؤساء الدول الأخرى التقاهم أثناء هذه الزيارات، وقد عقد عشرات الاتفاقيات مع هذه الدول في المجالات الصناعية والاقتصادية والعسكرية والسياحية وغيرها.

ولأول مرة نسمع عن الرغبة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، كما عادت الدولة تهتم بمصانع القطاع العام، وحمايتها من البيع، وتطوير الصناعة، وقد طرح النظام مشروع محور قناة السويس لمضاعفة دخلها عشرين مرة خلال عشرة أعوام، نستطيع بعدها الاستغناء عن المعونات الأجنبية.

 المهم أن الإعلام والسياسيين أهالوا التراب على كل هذه الإنجازات، وظلوا يرددون أنه لم ينجز شيئًا على الإطلاق، ويضخمون المشكلات التي يعانيها الناس وغالبيتها كانت مفتعلة، إلى أن تفاقمت مشكلة البنزين والسولار والكهرباء في الأيام الأخيرة وعانى الناس منها بشدة، هذا في الوقت الذي كانت المافيا تسرق هذه المواد لتلقيها في الصحراء أو تبيعها في السوق السوداء أو تهربها إلى الخارج، بينما تقف أجهزة الرقابة والشرطة تدعي العجز عن التصدي لهؤلاء المفسدين.

عندما تأزمت الأمور دعا الرئيس المعارضة مرات عديدة لحوارات جادة حول كل شئون البلاد، ودعاهم إلى المصالحة الوطنية لمصلحة الوطن، وعرض أن يذهب هو إليهم في مقراتهم إلا أنهم رفضوا كل هذه الدعوات، وبدأوا يحرضون الجيش على الإطاحة بالرئيس مخالفين بذلك أهم مبادئهم المعلنة من أنهم يريدون دولة مدنية ويرفضون الدولة العسكرية، وكم نادوا من قبل بسقوط دولة العسكر، كل ذلك من أجل إزاحة الرئيس الإسلامي ولو خربت مصر، ولو تنكروا لمبادئهم.

 وعندما استحكمت الأزمة بدأت الضغوط من الداخل والخارج، أمريكا وأوربا وجبهة الإنقاذ يطالبون الرئيس بتعيين البرادعي رئيسًا للوزراء، وأن يرضى بأن يصبح رئيسًا شرفيًّا، كل ذلك لتعود إدارة البلاد إليهم فيتم تغيير السياسة التحررية للرئيس، ويدخلها البرادعي في حظيرة التبعية للغرب، ولكن الرئيس رفض كل الإملاءات والضغوط.

وهنا بدأت خيوط المؤامرة تنسج بليل، وجرت اجتماعات بين قادة الجيش وقادة جبهة الإنقاذ، وتحددت ساعة الصفر بذكرى مرور سنة على تولي الرئيس الرئاسة، على أن يبدأ الساخطون من المشكلات الحياتية وأتباع أحزاب المعارضة والذين غسل الإعلام عقولهم بمظاهرة يستغلها قادة الجيش الانقلابيون في القيام بانقلاب عسكري.

من عامر شماخ

كاتب صحفي مصري