الإنسانية كلمة واسعة تتسع لإبحار المعاني، الذي يخلو من الإنسانية لا يقال له الإنسان، بل هي جريمة عظيمة نقول لأحدٍ إنسان، وهو يخلو عنها، ولم يشم رائحتها،

تعلّم الإنسانية قبل أن تكون إنساناً، تعلّم الإنسانية ثم عِش في ظل جناحيها، لو فاتتك فلا تحسب نفسك إنساناً، مهما فقدتها فلا تعد نفسك في ركب الإنسانية،

الإنسانية تعلّمنا الرحمة والعطوفة والعفو والمساعدة، الإنسانية نعمة إلهية يهبها لمن شاء، لا سمح الله أن نفقدها، فلا يبقى أي فرق بيننا وبين البهائم،

الشعوب العالمية تدهسها وتدوسها البهيمية التي حلت مكان الإنسانية، أذلتها وأخزتها اللاإنسانية، كل إنسان يشحذ ذهنه لإبادة أخيه،

ويغرس الأشواك في سبيله، ينتهك عِرضه ويسيء إليه ويعاديه، يشوه سمعته، يمكره ويتآمر عليه،

اليوم الدنيا غارقة في الأوضاع القارسة والأحداث المؤسفة و الجرائم الإجرامية،

لأنّنا فقدنا الإنسانية، ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت نفوسنا،

الرحمة رحلت عن الدنيا، قست قلوبنا، وتعطشت إلى إراقة دماء الناس،

 البهيمية افترست الإنسانية وأنهكتها،

رحي البهيمية تدور وتغطرس وغرست في ألواح أفئدتنا، القوي يستضعف الضعيف، الضعيف يستضعف مَن هو أضعف منه،

هكذا هذه السلسلة الخبيثة تواصل مسيرتها بين الإنسانية،

لو يرى فقيرُ في الشارع يزدري به غني، يتألم من الجوع و يكاد يموت،مع ذلك لا ينفق عليه أحد، فكيف ندّعي الإنسانية؟

حقاً نحن شوّهنا الإنسانية وغيرنا مسيرتها، تعلّموا الإنسانية واعلِّموها،

لو أحسست آلامك؛ فأنت حي،

ولو أحسست آلام الآخرين وعشت معها وواسيتهم وآنستهم فأنت حينئذٍ إنسان حي،

حينما آلام الآخرين وأتراحهم وأحزانهم لم تؤلمك، فلست إنساناً،

كثير من البهائم تتزي بالزي الإنساني، فتعلم الإنسانية لكي تكون إنساناً.

من عبد السلام العمري البلوشي

باحث في الفكر والثقافة الإسلامية.