كتائب ثورة العشرين تظهر عسكريا في جنين فهل ستتبناها نموذجا فلسطين الثورة؟

لم يغادر مخيلة الفلسطينيين مطلقا دور العراقيين في فلسطين، وتحديدا في جنين التي شهدت بطولات العراقيين عام 48، كما وتمتلئ قصص وحكايات الفلسطينيين بذكريات الجيش العراقي الباسل آنذاك، وتشهد الأرض المباركة وجود قبور مئات الشهداء من الضباط والجنود العراقيين الذين اختلطت دماؤهم مع الفلسطينيين، وقد استشهدوا في المعارك على أرض فلسطين المباركة.

تتواجد قبور كثير من العراقيين عند المدخل الجنوبي لجنين قرب قرية مثلث الشهداء، وأحسب أن القائد العراقي المغوار عمر علي والذي نجح في فك الحصار عن المجاهدين، كان سببا حقيقيا في تحرير جنين والتي -كما كان مخططا لها- كانت ستكون ضمن الأراضي المحتلة لعام 48 -أراض إسرائيلية-، فهل سينسى الفلسطينيون وتحديدا أهل مدينة جنين فضل الجنود العراقيين البواسل؟ كلا وألف كلا.

لقد قدم العراقيون كثيرا من الشهداء وشكلوا رعبا لا ينساه الصهاينة على أرض فلسطين العربية، واليوم تشهد جنين خروجا من أشكال المقاومة التقليدية لتفاجئ الصهاينة بنموذج المقاومة العراقية الذي أوجع الأمريكيين.

إن حجم التفاوت الفظيع في القوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين المحتلين يمكن مقارنته بحجم التفاوت بين القوى العراقية الوطنية والإسلامية التي تشكلت فور سقوط بغداد عام 2003 وبين الأمريكان الغاصبين المحتلين، عداك عن ملالي إيران وميليشياتهم الغادرين.

لقد أبدع العراقيون أشكالا من المقاومة في التصدي للاحتلال الأمريكي وأوجعوه في خاصرته ورأسه وظهره، ولولا ذلك الإبداع والخروج من التقليد لكانت المقاومة العراقية وئدت وقتلت وانتهت، ولكنها هي من أنهك الاحتلال وأرهقته للحد الذي أجبره على الانسحاب.

مرة ثانية وثالثة ورابعة أقول لكتيبة جنين وعرين الأسود وثوار الضفة الغربية وحتى لا ينتهي رصيدهم، إن نموذج كتائب ثورة العشرين العراقية هو النموذج الأرقى والأكثر فاعلية والأنسب لنسيج وواقع فلسطين الثوري بتوازناته الحالية وتحدياته الحقيقية وتحديدا في مدن الضفة الغربية.

إن كتائب ثورة العشرين لم تكن مكونا عسكريا فقط، ولكنها كانت مشروعا وطنيا جامعا بروح وقلب وعقل إسلامي منتم للأمة وثقافتها، وقد شكل يد ضاربة للمحتلين جامعة للعراقيين، وهذا ما نحتاجه اليوم في فلسطين.

الخلاصة:

إن واقع القضية الفلسطينية يشهد أسوأ أحوالها التاريخية المعاصرة، لاسيما وقد بات التطبيع مع الصهاينة علامة مميزة للتيار الوطني الفلسطيني الذي تقوده رام الله، حتى بات خيارها في التنسيق مع المحتلين سيفا ينكل بالثوار والمجاهدين، كما باتت الهدنة مع الإسرائيليين واقعا جسده التيار الإسلامي الذي تقوده غزة بعد أن أرهب وأخضع الجميع لخياره في الهدنة، حتى بات الثائر الغزي ينظر بعين نحو إسرائيل والعين الأخرى ترقب بحذر حكام غزة !

إن واقع وتضاريس مدن وجبال الضفة، إلى جانب ضعف المركزية وترهل قيادة رام الله يسمح بانبعاث ثورة في عموم الضفة، خلافا لحجم المركزية والضبط والإخضاع الحاصل في غزة.

لكن التفاوت الرهيب بين العدو الصهيوني وثوار الضفة يمكن أن يسحقهم بعد أن يستنفد رصيد دمائهم إذا لم يخرجوا عن الأشكال التقليدية في المقاومة، الأمر الذي تحقق وجسدته واقعا تجربة المقاومة العراقية في مواجهتها مع الاحتلال الأمريكي المدجج بالقوة والسلاح.

إن نموذج كتائب ثورة العشرين في العراق يستحق الاهتداء والاقتداء، ليس في أشكال مقاومته فحسب، بل في نموذجه ومكونه العام الذي شكل مشروعا وطنيا جامعا بهوية ومرجعية إسلامية ناصعة.

فهل يلتقط ثوار الضفة تجربة العراقيين الذين كانوا سببا في الوجود الحالي لمدن الضفة ؟

مضر أبو الهيجاء

 فلسطين-جنين 20/6/2023