السيد أبو داود، كاتب صحفي، مصري.

ـ كانت الظاهرة الفرعونية محل اهتمامي منذ شبابي، فطغيان الفرعون وتجبره واستبداده، في مقابل عبودية المصريين له وطاعتهم إياه..

ثم خوفهم منه الذي ينقلب إلى حب.. قضية استحوذت على اهتمامي وكان لي في تحليلها إسهامات منشورة.

ـ استفزتني الظاهرة الفرعونية.. فحينما يموت أحد السياسيين الكبار، الذين أذاقوا المصريين صنوف العذاب..

فإذا بهم يترحمون عليه.. وهذا يدخل ضمن دراسة الظاهرة الفرعونية.

ما جعلني أقف متحيرًا

ـ أما ما جعلني أقف متحيرًا.. فهو حينما يموت كاتب أو مثقف، قضى عمره كله أو غالبه في الهجوم على الدين وتشويهه والتشكيك فيه..

فإذا بالجمهور الأعظم من المصريين ينسون تاريخه ويترحمون عليه.. رغم إن الكاتب والمثقف لا يملك قوة ونفوذًا يخيف الناس كالسياسي الفرعون.

أنا شخصيًا يمكنني أن أحلل ذلك.. فعدم الاهتمام وعدم المتابعة، والإهمال الثقافي والمعرفي.. الخ، يمكن أن يكون لهم دور مؤثر.

ـ لكن ما لا يمكنني فهمه وتحليله، هو أن جمهور الإسلاميين الأعظم يترحم على حسن حنفي وأمثاله.. كارثة ومصيبة.. كتاب واحد،

بل مقال واحد لهذا الرجل.. يجعل في أيدينا كمًا هائلًا من الانفلات الفكري والتربص بالإسلام والجرائم التي لا يمكن أن تصدر من مسلم.

ـ هل يخاف هؤلاء من وصمهم بالتزمت الفكري وعدم الانفتاح، أو بمعاداة الثقافة والمثقفين، وبالتالي بالانغلاق والجمود؟

أم إن المصيبة أكبر وهي أنهم لم يقفوا على جملة ما كتب «المرحوم» وعلى مشروعه.. بالعموم حتى وليس بالتفاصيل؟

ـ لن أفعل شيئًا أكثر من التذكير بمقال واحد له كالتالي:

دعاه وزير الإعلام السعودي لأداء فريضة الحج عام ١٤٢٦ هجرية،

وبعد تردد في قبول الدعوة -وفق روايته المكتوبة والمنشورة- وبعد ميل إلى الرفض لأنه لا يملك أسبوعًا يقضيه في الحج..

عاد -تحت إلحاح زوجته- التي قالت له: «لماذا لا تعتبر الحج مثل الندوة؟» فقبل الدعوة.

ولما عاد من الحج كتب انطباعاته و نشرها بمقال بعنوان «خواطر حاج»* قال فيه:

إنه ذهب للحج دون إحرام، وإن أكثر شعائر الحج مظهرية، وإن الكعبة توحي للناظر بالوثنية القديمة في العصر الجاهلي،

وإن حائط رمي الجمرات هو كالتمثال في الجاهلية،  وإن مناسك الحج التي تربط الجديد بالقديم والمسلمين بالحنفاء والرسول بإبراهيم هي من بقايا الوثنية القديمة بعد تهذيبها.

……….

* المقال في صحيفة أخبار الأدب، القاهرة،  عدد (٦٥٤) في ٢٢ ذو الحجة ١٤٢٦ـ ٢٢ يناير ٢٠٠٦.

من السيد أبو داود

كاتب صحفي، مصر