خباب مروان الحمد

الكاتب الشيعي مرتضى الحسيني الشيرازي كتب كتاباً بعنوان: «نقد الهرمينوطيقا ونسبية الحقيقة والمعرفة واللغة» وفي كتابه بعض المفاهيم السليمة، ولعلي أضع نصاً كاملاً قاله:

(((إن العقلاء سواء كانوا متدينين أم لا، فرقوا بين أنواع العلوم، فأدركوا:

النصوص المطلقة

1: ضرورة أن تكون نصوص بعض العلوم، كلها، (نصوصاً) بالمعنى الحرفي للكلمة، وقد (اكتشفوا) عدداً من تلك (النصوص المطلقة)،أولاً،

خباب مروان الحمدثم إنهم التزموا في كل جديد بأن (يضعوا) نصوصاً محددة صريحة، دالة على مطلوبهم ومرادهم أو على ما توصلوا إليه واكتشفوه،

وذلك من البيّن لمن له أدنى معرفة بعلوم الحساب والهندسة.

كما أنه هو الأصل في علوم كالفيزياء والكيمياء؛ لأن أي خطأ في أية معادلة، فإنه قد ينتهي إلى كارثة،

ثم إنه لو كانت نصوص الكيمياء والفيزياء، نسبية، للزم أن يفهمها العلماء بطرق متغايرة بل متناقضة،

كما يلزم أن تكون نتائج تجاربهم ـ وإن تقيدت حرفياً بمعادلاتها الرياضية ـ مختلفة تمام الاختلاف، بل أن لا يستطيع أحد من العلماء إجراء نفس التجربة التي أجراها عالم آخر، أبداً؛

لأن ما يفهمه من النصوص الدالة على الأدوات والمواد المستخدمة في تجربته، خاضع لأفقه المعرفي والنفسي، والمغاير بالضرورة للأفق المعرفي النفسي للعالم الآخر،

فلا يمكنه أبداً (توحيد) الأدوات والمواد، واستخدام عين ما استخدمه الآخر،

مما ينتج استحالة وصول عالم إلى نفس نتائج التي وصل إليها عالم آخر، ومما ينتج عدم إمكان وضع قواعد عامة في أي علم من العلوم،

بل يستلزم لغوية كتابة أية تجربة أو معادلة، وكل هذه النتائج، مما لا يقول بها من له أدنى مِسكة من العقل أو المعرفة.

والحاصل: إن العقلاء كافة قد أذعنوا بأنه لا مدخلية لقناعات الكاتب أو القارئ والمفسر، ولا لنفسيته وعاداته وتقاليده، في دائرة هذه الحقائق والنصوص،

بل هي (نصوص) مطلقة، إيجابية، ذات دلالات محددة، لا يشك فيها إلا مكابر.

ابتناء علوم أخرى

2: كما أدركوا ابتناء علوم أخرى على (الظواهر) واعتبروها حجة في التفهيم والتفهم،

كما كانت (النصوص) حجة في العلوم الأولى، وذلك في كافة (العلوم الإنسانية)،

كما أن العقلاء أدركوا واكتشفوا أن التشكيك في ذلك، وإن كان نتيجة شبهة أو إجتهاد معين، أحياناً،

إلا أنه في غالب الأحيان يكشف عن المكابرة عن قبول الحق والتعلم، والعناد رغم وضوح الحق، وحب المخالفة والظهور؛ تبعاً لقاعدة: (خالف تُعرَف)،

كما أن التشكيك في ذلك، كالتشكيك في الكثير من البديهيات الأخرى،

قد يعود لعامل نفسي، ويكشف عن اضطراب في الشخصية، أو مرض،

كمرض (ضعف الأعصاب) و(الوسوسة) فإنها قد تكون في توهمِ وجودِ أرواحٍ أو جنٍ في المنزل،

وقد تكون في الطهارة والنجاسة، وقد تكون في (الالسنيات) وفهم اللغة والكلمات ودعوى نسبية المعرفة!!

وأن (النص) ليس بنص! والظاهر ليس بظاهر! وأنه المبين كالمجمل والمجمل كالمبين ولا فرق بين المبهم والمعلوم، والحقيقة والمجاز والتكنية والتصريح))).

من خباب مروان الحمد

باحث في مركز آيات