سالم الكتبي

في مقالة له بجريدة الأهرام القاهرية ( 81/8/2016)  يقول الكاتب الخليجي سالم الكتبي: تخاذل الكثيرون حيث يجب أن يتحملوا مسئولياتهم التاريخية والدينية المقدسة في معركة لا تقبل الانتظار.

 نعم.. اكتفى معظم علماء الدين الإسلامي بمراقبة ما يدور من حولهم وحولنا، متخذين من بعض تصريحات ذر الرماد في العيون ستاراً لتبرئة الذمة في مواجهة تنظيمات الإرهاب.

 لا أقول هذا الكلام لكيل الاتهامات وتوزيعها، ولكن لأن الاستمرار على هذا الوضع ينذر بمزيد من العنف والإرهاب والتشويه لديننا الإسلامي الحنيف، الذي اختطفته ثلة من الإرهابيين المجرمين ونصبواً أنفسهم متحدثين باسمه ومعبرين عنه في ظل صمت مخجل من مؤسساتنا الدينية العريقة، التي تكتفي بالتنديد والإدانة من دون الانتقال إلى دائرة العمل والفعل والتحرك لتحصين الأجيال الجديدة ضد وباء الفكر الإرهابي.

 رغم كل ما سبق، فإن مجرد الحديث عن تجديد الخطاب الديني قد تراجع وانحسر، وتآكلت الفكرة ذاتها، فهل استسلمت الغالبية لثقافة العنف والفكر الإرهابي؟ أتمنى أن تكون مخاوفي في غير محلها، وحتى نحصل على إجابات عن تساؤلاتنا ليس أمامنا سوى متابعة تمدد الفكر الإرهابي الخبيث في مناطق شتى من عالمنا العربي!

 ونقول: للكاتب اهتمام بهذه القضية وقد ألف كتبا في الموضوع منها “الخطاب الديني وآفات النخب “والإرهاب معركة ممتدة”

 وكلاهما مشفوعا بصور معبرة عن شخصيات عنيفة وتحمل أسلحة وأعلاما سوداء إلخ  مما يدل أنه سخر قلمه ليردد ما يدعيه الآخرون حول ديننا وديننا فقط .

 ألم يتأمل أن الرؤساء (كهولاند)  وبعض الغوغاء  في الغرب (كترامب) لا يزالون يرددون تلك المقولات عنا بينما في حقيقة الأمر هم يقومون بجرائم أضخم بكثير جدا ولا تقارن بما يفعله بعض المتشددين هنا أو هناك؟

أو يلصقون الإرهاب بأعمال من قبيل المقاومة يقوم بها المعتدى عليهم ضد من ظلمهم ليدافعوا عن أوطانهم وحريتهم ضد أولئك المعتدين

 ثم يأتي من بني جلدتنا من يوفر لهم المبررات الكافية لبسط سيطرتهم على بلادنا وادعاء أنهم يقتلون المتطرفين فينا وهم بكل غلظة وإجرام يقتلون أطفالنا ومدنيينا ويحتلون بلادنا

 نفس منطق الانتداب السابق الذي فرضته دول الغرب على بلادنا إبان سوقط دولة الخلافة العثمانية

 لكن جرائمهم لا يتحدث عنها أحد ولا يتهم فيها بالتطرف والخروج على الصفات الآدمية وفي نفس المجال لا يوجه الكاتب ولا غيره أي انتقاد لممارسات اليهود في فلسطين ولا البوذيين في بورما ولا النصارى في أغلب المناطق من  ممارسات روسيا في دولها المحتلة سابقا أو حاليا في سوريا وغيرها وكذلك فرنسا وجرئمها في دول كثيرة أكثرها إجراما الجزائر ودورها الحالي الممتد عبر التاريخ وجرائمها في دول إفريقية وفي ليبيا

 كل هذا لا يتكلم عنه الكاتب ولا غيره من مروجي الفكر الغربي  حين ينفذون أجندة غيرنا بعلم أو بجهل

 مهما أطلقوا قنابل محرمة دوليا وإنسانيا كقنابل هيروشيما ونجازاكي وما ردم به العراق وأفغانستان وغيرها من دول الطموح الغربي في انتزاع ثروات بلادنا وإردائنا في التخلف

 فأحد أسباب وجود بعض المتطرفين – على قلتهم – فينا هو تلك الممارسات الجائرة  والإجرامية التي تمارس بقنا  فلم تلومون الضحايا  ولا تلومون المجرم ؟

 فهل ترى هذا الاهتمام والاتهام يصب حفا في مصلحة الإسلام أم يعد شوكة في حلقه وخنجرا في ظهره؟

 بمعنى أن إبراز حاجة المسلمين لتجديد الخطاب الديني  وهو كلام حق يراد به كثيرا الباطل بتذويب المسلمين أو تغيير نصوص دينهم وما يشبه

 وادعاء أن ترك ذلك خذلان وأن هذا يؤدي إلى وجود العنف والإرهاب إلخ

في حقيقة الأمر ما نراه أن اصطناع مشكلة تسمى تشويه الخطاب الديني وأنه بحاجة إلى تنقية وأن الدين اختطفه ثلة من الإرههابيين الى آخر هذه الاتهامات العرية نراها ادعاءات تفتقر إلى أدلة وتجامل الآخرين الذين يرموننا بالتهم وينسلون، وهي بهم ألصق.

 فمثلا: الادعاء بأن خطابنا الديني مختطف من قبل إرهابيين ادعاء كاذب  لأن الإرهابيين إن وجدوا فهم حالات محدودة للغاية لا تقارن بحجم الأمة الكبير ولا بالجرائم التي يمارسها المتطرفين من غيرنا

 وقد يكون للحديث وجه نظر ما حين يلقي باللائمة على المؤسسات الرسمية الدينية في فكرة تجديد الخطاب

 هذا إن أحسنا الظن بالكاتب لكن يبقى ذلك في حقيقته مأطرا بأن الأنظمة الحالية للحكم بسطت سيطرتها وتدخلاتها ودست أنفها في شؤون تلك المؤسسات وفرغتها من حتواها بما تقوم به من توجيهات وما تتحكم به من تعيينات فلم يسلم من هذا التدخل جل المؤسسات الدينية في عالمنا بحيث ترسب إليهم الأنظمة أشخاصا من أتباعها كما يحدث في روسيا وسوريا ودول الخليج بوجه عام

 عالم الدين الذي يفترض فيه الاستقلال هو مجرد موظف لدى النظام يجب عليه أن يبرر ممارساته ويقف حائلا بين من يريد إنكار المنكر بحق ومن لا يرد الانصياع من الأنظمة

 وغالبا ما تكون تلك الأنظمة نفسها متوافقة أو متهاملة بشكل أو بآخر مع الغرب لتكون الصورة النهائية لصالحه

 وما تكشف لنا من علاقات بين الكيان الموازي لفتح الله جولن والذي اكتشف مؤخرا تغلغله في الدولة بغطاء ديني متعاون مع  الغرب وأمريكا وإسرائيل ينبئك عن كثير في تلك القضية.