مأساة الطفل «عمران»

يقول الكاتب الأردني موسى برهومة (جريدة الحياة اللندنية 22/8/2016): الطفل عمران لم ينفعل. من انفعل هو الطرف الآخر الشريك بقصد أو من دون قصد في إدامة مأساة عمران وأقرانه في هذه الحرب الدمويّة التي حصدت، بحسب إحصائيات غير رسمية، أكثر من 17 ألف طفل دون السادسة عشرة غالبيتهم من حلب، فيما هُجّر أكثر من مليون طفل في كارثة إنسانية حصدت أرواح أكثر من ربع مليون سوري، غالبيتهم من المدنيين، فضلاً عن نزوح 7.6 مليون داخلياً، ولجوء 4.2 مليون شخص إلى دول الجوار، وفقاً لمنظمة «هيومن رايتس ووتش».

 ولعلّ التعليق الطافح بالإنشاء واللغو الذي قدّمته واشنطن باعتبار أنّ عمران يمثّل «الوجه الحقيقي للحرب»، يؤكد استقالة المجتمع الدولي من مسئوليته الأخلاقية. فما القيمة الإضافية للكلام المرسل الذي نطق به المتحدث باسم الخارجية جون كيري: «هذا الفتى الصغير لم يعرف يوماً في حياته إلا الحرب، والموت والدمار والفقر في بلاده»؟!

 ولو أنّ عمران سمع كلام كيري لاستولى الذهول على ما تبقى من ملامحه، وربما غصّ حلقه بالدمع المطحون بالغبار والدم والأسى على عالم منافق يتباكى على الضحايا السوريين ويمعن، في الوقت نفسه، في تأجيج الحرب حتى آخر ضحية. وكانت معبّرة وتلقائية الصورة التي صاغها ناشطون حينما قدّموا، من خلال «الفوتوشوب» لقطة لحوار بين أوباما وبوتين وبينهما صورة الفتى الذاهل عمران.

 المأساة الحقيقية في المحرقة السورية المتعاظمة أنّ العالم أو ما يسمى «الضمير الدولي» في حاجة كلَّ حين إلى إيلان أو عمران أو جمال، لكي يذكّرهم بأن الجحيم هناك، في قلب المتوسط، حيت يُحزّ عنقُ الإنسانية من الوريد إلى الوريد كلّ يوم، فالسبعة عشر ألف طفل الذين زادت أعدادهم مع كتابة هذه السطور أو قراءتها، لهم حكاية ومأساة، لكنّ الكاميرا أغمضت عيونها عنهم، لكثافة الموت، وعجز الشهود عن ملاحقة كل هذه الفظاعة التي تصنع «الآكشن» الذي تحتاجه واشنطن وموسكو، وتعتصم به الصحف العالمية يوماً أو يومين، معلّقة ومحلّلة، ثم تعود إلى شغفها الأهم المتصل بمأساة قطة علقت في محرّك شاحنة، أو اضطراب فقمة بسبب فجاجة بطريق أهان مشاعرها!

 وربما حدس المعارضون السوريون الأوائل، مطلع الثورة، بما تخبئه لهم الأيام السوداء، فأطلقوا صراخهم الفطريّ «ما إلنا غيرك يا الله»، وربما ظنوا مبكّراً أنّ العالم، كلَّ العالم، سيتخلّى عنهم، ويتركهم في مواجهة أقدارهم، عرايا من كلّ شيء، حتى من إيمانهم الذي مزّقته الطائرات، والبراميل المتفجّرة، والتضامن الموسميّ العابر، وانفضاض تحالفاتهم وانفراط عقد معارضتهم الذي غدت، في جُلّها، معارضات وأحجاراً على رقعة شطرنج يحرّكها سدنة الموت والتحالفات الإستراتيجية، وتجّار الحروب

 ونقول :

 ما يقوله الكاتب نوافق عليه بالطبع ونضيف إليه آلافا أخرى تضرروا ولا زالوا يتضررون في كل الحروب التي قامت ضد أهلنا بدأ من فلسطين وأفغانستان ومرورا بالبوسنة وألبانيا فالعراق وسوريا واليمن وسوريا واليمن وليبيا ومصر وهلم جرا

 مآسي لم تقف عند الأطفال وإن كانت صورة الأطفال صارخة لكنها امتدت لتشمل الأسر بكل مكوناتها أطفالا ونساء ورجالا وشيوخا

 الجميع يتضرر من تلك الحروب ويعيش مآسي اللحظات العصيبة

 ويفقدون جميعا المأوى والسكن والأمن والغذاء والأهم السند والظهير من الأحبة

 لا نزيد من الحديث فهو واضح وصريح وكاشف عن مدى التباين بين الاهتمام الوقتي القائم على الانفعال الإنساني المحض  وبين الاهتمام الحقيقي القائم على الحقوق والمبادئ

 وعموما يجب أن نكون واقعيين  فلا يستقيم  أن نطلب ممن هم أساس المشكلة أن يجلوها لنا أو نشارك في لطميات للفت أنظارهم إلينا

 دعنا نردد قول إخواننا في سوريا إذن ” مالنا غيرك يا الله ) فلن ينفعنا حقا غيره