مبارك

جاء في صحيفة الأهرام القاهرية وتحت عنوان ” مبارك فى بيته بعد 6 سنوات محاكمات ” بتاريخ 25/3/2017 ما يلي: صرح فريد الديب، محامى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، بأن مبارك غادر مستشفى المعادى للقوات المسلحة أمس، حيث عاد إلى منزله عقب صدور حكم محكمة النقض ببراءته من قتل متظاهرى يناير، وذلك للمرة الأولى منذ بدء محاكمته.

وكان «مبارك» قد خضع للمحاكمة على مدى نحو 6 سنوات فى قضايا الاشتراك فى قتل متظاهرى يناير وتصدير الغاز لإسرائيل وغيرها، والتى أسدلت محكمة النقض عليها الستار بعدما قضت فى حكم نهائى وبات ببراءته من تلك الاتهامات.

وقد صدر قرار من النيابة العامة بإخلاء سبيل «مبارك» بعد احتساب مدد الحبس التى قضاها فى قضية «القصور الرئاسية» وغيرها .

ولا يزال أمام الرئيس الأسبق الطعن الذى تقدم به أمام مجلس الدولة على الحكم الذى صدر من القضاء الإدارى بتغريمه فيما يتعلق بقطع الاتصالات وقضية «هدايا الأهرام» .

ونقول :

في ظل الوهدة الحالية للثورة المصرية يحق لمبارك أن ينال براءات متعددة كما نالها كل رجال نظامه الذي سجنوا بعد الثورة

ولا مانع أبدا وفقا لهذا المنطق أن يعود لبيته …عفوا للمنزل الذي استولى عليه من ممتلكات الشعب في أرقى مناطق القاهرة بضاحية مصر الجديدة وللمفارقة بجوار مبنى الحرس الجمهوري الذي شهد أول مجزرة للنظام الحالي ضد ثوار يناير الذين جاءوا ليدفعوا عن رئيس منتخب  لا يزال محتجزا حتى الآن في سجن لا تملك أسرته زيارته ولا يملك أيضا هو أن يشتري من حر ماله طعاما يكتفي به عن طعام السجن الرديئ  رغم عدم إدانته بأحكام نهائية رغم اعترافنا بهزلية ذلك فضلا عن آلاف مثله يسجنون ويؤذون بأسباب شديدة الغبش وواضحة الغبن

يعود مبارك لبيته بعد أن كان معززا مكرما يعيش في جناح فاخر بأكبر مستشفيات البلد ولم يذق يوما طعم السجن الحقيقي إذ كان محتجزا يزروه من يريد وتحيط به عناية الدولة فضلا عن أسرته لكن آلاف السجناء وبينهم من هو أسن منه ( كمهدي عاكف على سبيل المثال )  يعانون آلاما حقيقية ومات بعضهم جراء الاهمال الطبي والاستهانة بآلامهم وينتظر بعضهم نفس المصير  رغم كل نداءات تضيع هباء مع إصرار النظام على التشفي فيهم واستمرار اضطهادهم

مهما قيل عن مسؤولية القاضي وقرارات الإحالة التي دبرت بشكل يعاىفي مبارك ورجاله من مسؤوليتهم فإن كل ما حدث يكشف تعاضد النظام بكل مؤسساته في اضطهاد ثورة يناير ورموزها وتضييع مكتسباتها رغم أن الدستور الذي وضعه ذلك النظام يمجد بزعمه ثورة يناير  وهو نفاق غريب الأطوار وغير متسق مع مواقف النظام فإما يحذفوا تلك النصوص وإما يلتزموا بها فلا جمع بين المتناقضات عند العقلاء

فعلى من قامت الثورة إذن حين يعود من قامت عليهم  الثورة إلى أماكنهم كما نطق بذلك أحد القضاة بينما جرائم النظام الكبرى لا تزال تنخر في متن هذه الدولة وليس آخرها إنبات ذلك الخلف الذي مارس كل مساوئ النظام وزاد عليه ؟

هل يمكن أن ينسى التاريخ وأجيال الشباب أن نظام مبارك أشاع الفساد واستباح خيرات البلد ووزعها على معارفه ومحظييه بل ويبيع خيراتها للكيان الصهيوني بأبخس الأسعار  بينما يترك المواطنين يعانون شظف العيش ولا يجدون أبسط حقوقهم من طعام يكفيهم أو سكن يؤويهم أو رعاية صخية تحقق أدنى متطلبات الآدمية

الجهل والفقر كان شعار النظام وكأنه يتعمد أن يفقر الصعيد أو يضطهد أهل سيناء أو يتجاهل أهل النوبة أو يزيح سكان العشوائيات والمدن الفقيرة

نظام مبارك الذي منهج التزوير ( وهو نفسه يستمر بالتزوير في الحكم  )  وقرب المفسدين وسرق معهم ومع أبنائه وطغمته خيرات البلد وباع ممتلكاتها لهم وأفسد الحياة السياسية وتجاهل مطالب الجماهير واضطهد المعارضين وزج بهم في السجون وسلط مخابراته ورجال أمنه على المعارضين من الإسلاميين وغيرهم ( أكثر من ربع مليون بالسجون )  كما انه أمرض الشعب وأشاع فيهم الأوجاع والأمراض التي لم تعرف يوما بسبب المسرطنات التي كان يروجها رجال  حكمه الفسدة

وتخلى عن العرب وحرش بالعراق حتى اتخذ كلامه مبررا لغزوه وحصاره لأهلنا في فلسطين وتجويع أهل غزة يندى له الجبين في جريمة متناسقة مع جرائمه الحريصة على التطبيع مع الأعداء والصهاينة والرضوخ لأمريكا ونظامها

ولنعرف جزءا من المنظومة الفاسدة التي خلفها مبارك ولا تزال تعمل إلى الآن دعنا نلقي نظرة على دراسة نشرتها جريدة الوفد 11 نوفمبر عام 2011 باسم “القائمة  الكاملة  لجرائم مبارك – للكاتب مجدي سلامة ” ومما قال فيه : دراسة علمية للدكتور عبدالخالق فاروق – الخبير في الشئون الاقتصادية والإدارة المحلية بعنوان «دور التشريع في بناء دولة الفساد في مصر» وهي الدراسة التي رصدت القائمة الكاملة لجرائم مبارك.

وحسب الدراسة فإن مبارك ورجاله أصدروا قوانين دفعت ملايين المصريين إلي السرقة والنهب والابتزاز وأكل المال الحرام، وأجبرت أغلب الموظفين علي أن يتحولوا إلي حرامية ومرتشين، وأجبرت ملايين المصريين علي أن يدفعوا رشاوي لكي يحصلوا علي أية خدمة، بدءاً من الحصول علي تذكرة قطار، وحتي الفوز بفرصة عمل أو قطعة أرض.

وهكذا حولت سياسات «مبارك» وقوانينه، المصريين – إلا من رحم ربي – إلي مرتشين و«رُشاة».. وكلاهما – الراشي والمرتشي – في النار كما يقول الحديث الشريف.

المفاجأة التي كشفتها الدراسة هي أن مبارك أراد أن يجعل كل مصري حرامياً ولصاً أو راشياً وفاسداً، بهدف إفساد المصريين جميعاً، وعندها – حسب اعتقاده – سيسكت الصغار عن فساد الكبار علي اعتبار أن الكل صار في الفساد سواء!

وهكذا أفسد «مبارك» صغار موظفي مصر أما الكبار من رجال الأعمال وحاشية مبارك فكان فسادهم فجًا وغير مسبوق، حيث اغترفوا من المال العام فوق طاقتهم، ونهبوا الأراضي وأموال القطاع العام و«فلوس» المعونة وتاجروا في العملة وتربحوا من عمليات تصدير واستيراد، ومن البورصة ولم يكتفوا بذلك بل أنشأوا شبكات لممارسة البغاء وتاجر آخرون في المخدرات – حسبما جاء في دراسة الدكتور عبدالخالق فاروق.

وتعد الدراسة التي تتكون من 24 صفحة دليل اتهام مكتمل الأركان ضد حسني مبارك ورجاله وفتحي سرور وصفوت الشريف وجمال مبارك وعاطف عبيد وكل نواب الحزب الوطني في البرلمان طوال الثلاثين عاماً الأخيرة.

وطبقاً للدراسة فإن الفساد تحول في عصر «مبارك» من انحرافات معزولة إلي ممارسة مجتمعية شاملة.. فالكبار شكلوا شبكات مصالح تتنازع فيما بينها حينا وتتناغم في توزيع المزايا والغنائم أحياناً أخري.. أما الصغار فقد تسربت إليهم ممارسات الفساد والرشوة والوساطة والمحسوبية بسبب سياسات الإفقار واتساع الفجوة في الدخول والارتفاع المستمر للأسعار وغياب القدوة في هرم السلطة وتآكل دور أجهزة الرقابة.

وما زاد الفساد انتشاراً وتوحشاً هو أن المفسدين والفاسدين هم الذين يصيغون القواعد القانونية عبر سيطرتهم المباشرة علي أجهزة التشريع والتنفيذ وأحياناً بعض أفرع الهيئات القضائية.) انتهى

وفي نفس السياق يقول الدكتور محمد سيف الدولة في مقالة له بموقع مصر العربية (بالقانون هذه جرائم مبارك الكبرى –  1/12/2014)  :

لا يوجد نظام يمكنه أن يدين نفسه على جرائم لا يزال يرتكبها ليل نهار. وإنما المشكلة الحقيقية منذ بدايات الثورة وحتى اليوم، هي جرائمهم الأشد خطورة وضررًا باستقلال مصر وأمنها القومي، والتي لم يحاكمهم عليها أحد، إما خوفًا او شراكةً أو تواطؤاً. وأنا هنا لا أتحدث عن المحاكمات السياسية، ففي قانون العقوبات ما يكفى وفيض، لو كنا صادقين.) انتهى

 وقد استعرض نصوصا كثيرة في قوانين العقوبات يمكن باستخدامها إدانة ذلك النظام لو تم استخدامها في موضعها بشكل عادل

 لكن الحقيقة أن النظام لم يك صادقا أبدا ولا يزال يمارس نفس التواطؤ ويتهاون مع رجال الفساد ويسيء إلى شباب أبرياء ورجال أطهار وفتيات في عمر الزهور

وفي الأخير نقول أن مبارك لا يمكن أن يكون بريئا مهما برأه ألف قاض  ونفس الأمر نقوله عن رجاله والأبرياء المضطهدون لا يمكن أن يدانوا بحق ولو أصدر قضاة ضدهم ألف حكم وويل لقضاة الأرض من قاضي السماء