مكتوفي الأيادي

يقول موقع التلفزة الألمانية (دوتش فيلة): قبيل الذكرى السادسة لاندلاع الأزمة السورية سلطت أزيد من عشرين منظمة إغاثة الضوء على معاناة حوالي خمسة ملايين مواطن سوري في 13 منطقة محاصرة بسوريا يصعب الوصول إليها أو إمدادهم بالمساعدات.

وتحت شعار “مكتوفي الأيادي” وقف ما يزيد على مئة شخص من 23 منظمة إغاثة أمام البرلمان الألماني “بوندستاغ” اليوم الخميس (التاسع من مارس 2017)، بجانب بعضهم البعض بأيدي مكبلة بحبل أحمر وذلك كرمز لعجزهم عن العمل في سوريا.

ودعت المنظمات الحكومة الاتحادية الألمانية العمل لأجل المواطنين المحتاجين للمساعدات في المدن المحاصرة بسوريا، وقالت في بيان “إننا نناشد الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي فعل كل شيء من أجل ضمان وصول المساعدات الإنسانية ومراعاة القانون الدولي”. وأضافت: “حلب لا تزال حتى اليوم تجسيدا للرعب الذي يعايشه المواطنون الذين يتم قصفهم دائما وهم محاصرون تماما. وهناك إجمالي 13 منطقة مثل حلب في سوريا”.

وأوضح البيان أنه “على الرغم من حالات الهدنة، التي تم قطعها، وكثير من المخاطر بالنسبة لمساعدينا المحليين (في سوريا) فإننا نكفل البقاء على قيد الحياة لأشخاص محتاجين منحدرين من كل المناطق في سوريا”.

وأكدت هذه المنظمات أن “التخلي عن ذلك ليس أمرا ممكنا بالنسبة لنا. ولكن عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى ملايين الأشخاص في مناطق محاصرة يصعب الوصول إليها، فإننا نكون مكتوفي الأيدي”.

وقالت ماريون ليزر المديرة التنفيذية لمنظمة “أوكسفام” بألمانيا: “إن ملايين الأشخاص محرومون إلى حد كبير من إمدادات مياه الشرب. يتعين على أطراف النزاع وقف محاصراتهم على الفور وتمكين العاملين بمنظمات الإغاثة من الوصول إلى مناطق النزاع”. وإلى جانب منظمة أوكسفام، شاركت أيضا منظمة “أنقذوا الأطفال” واتحاد جمعيات المساعدة الألمانية-السورية، وجمعية “ألمانيا تساعد”، وغيرها في هذه الوقفة أمام البرلمان.

ونقول :

رغم تقديرنا لتفاعل موظفي الإغاثة وأيضا منظمات حقوق الإنسان مع ما يحدث في سوريا وفي غيرها من دول العالم ومع تقديرنا أيضا لمساحة الحرية الممنوحة لهم والتي بمقتضاها يتم تسجيل اعتراضهم واحترام آرائهم إلا أن الأمور لا تعدو عند الساسة في مناطق كثيرة من العالم مجرد امتصاص للغضب الشعبي وتفويت لجهود تلك المنظمات ما دامت معزوفة السياسة تعزف لحنا مختلفا قوامه المصالح دون المبادئ

إنه صراع قائم بين رجال السياسة الذين لا تحكمهم المبادئ بالأساس رغم ادعائهم ذلك ورغم رضوخهم لبعض من تلك الملاحظات

(وبين قوسين نأسى على أيام طيبة كان المسلمون كحضارة ومجتمع تحكمهم المبادئ وتقدم على المصالح وأمثلة ذلك في التاريخ الذهبي للمسلمين كبير )

لكننا نعاين انفصاما بين منظمات المجتمع الغربي وقياداته السياسية حتى في الغرب الذي يتشدق بحقوق الإنسان وبأن تصرفاته من منطلق حضاري

 مثلا لو نظرنا إلى أساس المشكلات في مجتمعات  عربية كثيرة – سوريا والعراق وليبيا ومصر وفلسطين على سبيل المثال الصارخ – نجد أن من أكبر أسباب المشكلات هو رعاية الساسة الغربيون لأعداء الشعوب من الدكتاتوريين

 ونجد أن تشرد الشعوب وانسياح المهاجرين وخراب الدول واحتياج السكان لكل تلك الجهود هو في أساسه بسبب مساندة الأنظمة الغربية لتلك الأنظمة الظالمة

فحري بالمنظمات الحقوقية أن تعالج أساس المشكلة وليس نتائجها !

يجب أن يسعوا للعودة بالساسة للاحتكام للمبادئ وللإنسانية والأخلاق ولا ينخرطوا في علاج ما يسببه الساسة من مشكلات دون التعرض لأصل المشكلة

 المشكلة إذن لا تتعلق بأصحاب مبادئ لم يتورطوا – أو على الأقل أنظمتهم- في إحداث مشكلات اللاجئين ولذا يمكن أن تكون هذه الأفعال الإنسانية نوع من التطهر النفسي من المسؤولية الضخمة التي كانت تلك الأنظمة طرفا أساسيا فيها (مع تحميل المسؤولية الأكبر بالطبع للأنظمة القمعية التي منحتهم مبررات التدخل والاستفادة وفرض الرأي)

إن تصرفات المستشارة الألمانية الأخيرة وسعيها للتخلص من المهاجرين على أرضها بتصديرها لبلدان أخرى كمصر والتغاضي عن ممارسات النظام المصري هناك بل وتقديم ما يتلهف عليه من تسول الشرعية في صورة صفقة متبادلة بين النظامين ويكون ضحيتها إرسال المهاجرين رغما عنهم إلى بلد آخر ربما يواجهون فيه خطورة وهو يخالف مواثيق حقوق الإنسان التي تصون حق الإنسان في حرية الانتقال وحقه في اتخاذ قرارته بنفسه بكل وضوح.

إن هذا التصرف الصارخ هو مثل قريب من تلك الممارسات ليس ما  الأمم المتحدة التي تفرض رؤية الغرب في سوريا وليبيا وغيرهما وهو أيضا ما تفعله أمريكا – وترامب على رأسها -هذه الأيام بإرسال قوات أرضية لتحرير الرقة ! حسنا وحين تحررها تعطيها لمن ؟ 

وغيرها من الدول بالعالم تسلك نفس المسالك بتقديم المصالح على المبادئ  فتساند الثورات المضادة ورجال الفساد والأنظمة العملية أو الظالمة بغية استنزاف الشعوب المجهدة ومشاركة المجرمين في أموال الشعوب المستباحة تحت غطاء الاستثمار

والغريب أنهم يتبجحون بفرض ما يريدون ورفض الحلول العادلة وتنحية القوى المخلصة

نفس المشكلة المأساوية تتكرر بصور أخرى ومع أنظمة أخرى ثم يريدون ألا يخرج الناس عن نظامهم العالمي!