محمد شومان

يقول الكاتب محمد شومان بجريدة اليوم السابع القاهرية : 1/2/2016، إعلام الخدمة العامة «إعلام الشعب» يموله الشعب من الضرائب، ومن رسوم تحصل على أجهزة الراديو والتليفزيون أو استهلاك الكهرباء، المهم أن يعمل هذا الإعلام لخدمة الشعب، ولا ينحاز لنظام أو حكومة، ويصبح ساحة مفتوحة لكل أبناء الوطن بلا تمييز، ويطور من نفسه حتى يصبح قادرًا على المنافسة، واستعادة مكانة الإعلام المصرى داخليًا وخارجيًا.

ونقول : هذا التصور الحالم بأن الإعلام الذي تنفق عليه الدولة يجب أن يكون مستقلا ليصبح قادرا على المنافسة لم يتحقق يوما واحدا في مصر بل ولا في بلاد العالم الثالث أجمع

بل ومع قليل من التوقع يندرج هذا أيضا على الإعلام العام في الدول الكبرى مع تخفي التدخل في تلك الأنظمة

ولا ننسى أمثلة التدخل في كافة شؤون الإعلام وما يبث من قبل حكومات الدول الغربية حين يتعلق الأمر بصراعات أو حروب تخوضها

في حقيقة الأمر فإن السلطات التنفيذية من جهة وسلطة رأس المال من جهة أخرى تتحكم في الإعلام : الحكومي والخاص في جل البلدان …لكن مدى صراحة التدخل ووقاحته هو الفارق !

وفي البلاد الواقعة تحت سلطة القمع فإن تغول الجهات السيادية يتحكم في كل شيئ ومنها بالطبع المؤسسات الإعلامية وهو ما يجعل تدخلها فجا ورسالتها ممجوجة

والمتخصصون في الإعلام يدرسون طبيعة المؤسسات الإعلامية وأنها تتعرض لضغوط ولكن تختلف الضغوط ونعومتها من مكان لآخر ومن دولة لأخرى

وكيف لا تحاول الأنظمة وأصحاب السلطات المختلفة السيطرة عليها وهم يعلمون أهميتها في السيطرة والتوجيه ؟

والمتوقع حين تتدخل الدولة بطريقة أو بأخرى في تعيين الشخصيات القيادية التي تصنع سياسات المحطات وتتحكم فيما تقدمه ؛ حين تكون رؤوس تلك المنظومات متحكما فيها فأنى لنا أن نبحث عن استقلال للمنظومة بكاملها

و”من يدفع للزمار يختار اللحن ” !

وهذا ما يحدث حتى مع المؤسسات الدينية والدعوية ومراكز الإفتاء حين يتم تعيين ” هيئات كبار العلماء ” وشيخ الأزهر مثلا

فيضحي أي من تلك الشخصيات تحت تحكم الجهات التي عينته والتي تملك في الوقت نفسه سلطة عزله

وحين تكون تلك الجهات الإعلامية والدعوية ذات حصانة تمنع تغول السلطات عليها حينئذ يمكننا الحديث عن الحياد والقدرة على المنافسة

وحين يكون التفوق المهني والعلمي والقدرة على الإدارة الناجحة ومراعاة المصلحة العامة على الخاصة هي وحدها مقياس التفوق حينئذ نكون هيأنا المناخ لاستقلال الإعلام كله حكومي وخاص